الثلاثاء، 23 فبراير 2016

المتعلم والمثقف والعاقل والجاهل












من هو المثقف ...؟ وما هي الثقافــة......؟

تعد كلمة مثقف بمعناها الاصطلاحي الحالي من التعابير الحديثة التي دخلت لغتنا العربية ,فهذه الكلمة لم تكن مألوفة عند العرب القدامى وعبر أزمنتهم المختلفة من جاهلية وإسلامية وكذلك لم تكن متداولة في العصرين العباسي والأموي  فلم نجد في كتابات الأولين ما يشير إلى استخدام هذه الكلمة بمعناها المقصود حاليا بل كانوا يستخدمون كلمات بديلة تقترب حينا وتبتعد أحيانا من المعنى المراد بهذه الكلمة  بالضبط  اما من الناحية اللغوية فلأهل اللغة والنحو  شانهم  بكلمة (مثقف) واشتقاقاتها وأصولها  والتي تبتعد  عن المعنى الاصطلاحي المعروف حاليا  فهم يشتقون هذه الكلمة  من( ثقف الرمح ) أي شذبه وصقله وجعله  حسنا معتدلا مستقيما في منظره  .ما يهمنا  في الموضوع  هو المعنى الاصطلاحي الذي صار شائعا  فيقال هذا مثقف  وهذه مثقفة  وتلك وزارة ثقافة  إذن  ما هي الثقافة ؟؟ ومن هو المثقف؟؟ وما هي المعايير التي بموجبها نقول هذا مثقف وهذه مثقفة؟؟ هل ان الثقافة تشمل الشعر والقصة والمسرح والرواية وبقية الفنون كما هو الأمر الذي تخصصت به وزارة الثقافة ام إنها أوسع من ذلك وهل ان جميع الأدباء والفنانين هم مثقفون حتما؟؟ الا يوجد رسام او نحات او ممثل غير مثقف؟؟ . وثمة تساؤل آخر هل ان الثقافة ترتبط بالمستوى الدراسي؟؟  وهل جميع الخريجين هم مثقفون وإذا كان الجواب نعم فمن أي مستوى دراسي تبدأ الثقافة؟؟  وبماذا نصف المثقفين بـ (الثقافة الشفاهية) او (السماعية) وإذا كان جميع الأكاديميين هم مثقفون بالضرورة فهل تشمل ذلك الجميع حتى من تخصص بالميكانيك والزراعة واللحام والحدادة ام ان الثقافة تقتصر أكاديميا لدارسي العلوم الإنسانية حصرا . الواقع يقول ان الكثير من المثقفين والمبدعين في مختلف المجالات لم يحصلوا على مؤهل علمي او دراسي مثل (الكاتب المصري عباس محمود العقاد والكاتب سلامة موسى   و..و..الخ ) فكيف الحكم في مثل هكذا ظاهرة ؟؟؟ وإذا كان من معاني الثقافة هي تهذيب النفوس والسمو بها نحو الرفعة والرقي الإنساني فان هذا يقتضي منا القول بعدم  وجود مثقف  عنصري  او طائفي او فئوي  وإذا وجد هكذا إنسان هل يصح لنا بتسميته  مثقفا وهو يمارس في سلوكه أمورا تتنافى مع ما هو متحضر او إنساني  خصوصا  وان كلمة مثقف  تذهب بإسماعنا الى إنسان نخبوي مثالي , وهل هنالك علاقة بين الإبداع والثقافة ام لكل شيء صفاته ؟؟؟ بعد كل هذا الذي  قلناه  هل نستطيع ان نضع تعريفا  دقيقا ووصفا  مانعا جامعا  للثقافة  مثلما نستطيع  ان نعرّف الطب والهندسة والفلسفة  والدين والقانون  ولنبدأ بالقول إن الثقافة هي سلوك حضاري ومعرفي راق متوج بفعل إنساني  ولا يصح لنا القول بان هنالك ثقافة بلا سلوك.


21/05/2009

الأربعاء، 10 فبراير 2016


التقويم و دوره في عملية التعليم و التعلم

الكاتب : أ.د. ناصر عبد الحميد يون

التقويم
سنتناول في هذه المداخلة1 مسألة التقويم الدراسي. و ذلك للأهمية التي يحظى بها هذا الموضوع في العملية التعليمية. فبعد أن كان دور المدرس ينحصر في تدريس المقرر الدراسي و القيام بعملية تقييم لمدى استيعاب المتعلم للمادة الدراسية و التي يقرر من خلالها نجاح الطالب أو رسوبه، أصبح المدرس اليوم يلعب دورا أكثر فعالية في سبيل نجاح العملية التعليمية و ذلك بقيامه بعملية التقويم التربوي. فرغبتنا في تناول هذا الموضوع ترتكز على المبدأ القائل: إن كل مشروع أو برنامج تعليمي ناجح ترافقه بالضرورة عملية تقويم من مرحلة التفكير في البرنامج إلى مرحلة الإنجاز.
يمكن أن يشكل كل عنصر من العملية التعليمية موضوعا لعملية التقويم. على سبيل المثال، يمكن أن نذكر:
– مدى جودة عملية التعليم: و نعني بذلك الاستراتيجية المتبعة من قبل المدرس أثناء قيامه بالتدريس.
– مدى إعداد و تأهيل المدرسين: و نعني بذلك مدى تطابق الإعداد الذي تلقاه المعلم مع ما يجب أن يكون عليه للقيام بدوره الفاعل في العملية التعليمية.
– البرنامج التعليمي: و نقصد بذلك درجة التناسب و التوافق بين محتوى البرنامج الدراسي و الأهداف التعليمية التي يرمي إلى بلوغها.
– الظروف التي تجري فيها العملية التعليمية: إن الظروف التي تجري فيها العملية التعليمية يمكن أن تلعب دورا إيجابيا أو سلبيا في نجاحها.

1- من عملية التقييم إلى عملية التقويم :

تهدف عملية التقييم عادة إلى تقدير المستوى الذي بلغه المتعلم في نهاية العملية التعليمية لإعطائه درجة، و بناء عليها تحدد نتيجة الطالب من حيث النجاح أو الرسوب. و تجرى عملية التقييم في مراحل مختلفة من العملية التعليمية و تكون عادة كالتالي :
أ – الاختبارات اليومية أو المستمرة: يطبق هذا النوع من التقييم بعد كل حصة أو مجموعة حصص تعليمية.
ب – الاختبارات الجزئية : يطبق هذا النوع من التقييم في مواعيد محددة من السنة الدراسية (عادة ما يكون ذلك بعد الانتهاء من تدريس جزء مهم من المقرر الدراسي).
ج – الاختبارات النهائية : يكون موعدها عادة في نهاية السنة الدراسية.
من الممكن القول في هذا الخصوص أن هذه الأنواع الثلاثة من الاختبارات تدخل في إطار ما يسمى بالتقييم التجميعي أي أنها ترتكز على مجموع الدرجات التي تحصل عليها الطالب في مختلف الاختبارات.
لقد تناولت دونيز لوسيي Denise Lussier في كتابها المعنون: “تقييم عملية التعلم في إطار طريقة التدريس الاتصالية2 “ هذا الموضوع بالدراسة قائلة: « تهدف عملية التقييم التجميعي إلى التحقق من درجة تمكن الطالب من الأهداف التعليمية التي نرمي إلى بلوغها من خلال المنهج الدراسي و بالتالي إلى إصدار حكم يتعلق بالانتقال من مستوى تعليمي معين إلى مستوى آخر و التأكد كذلك من نوعية التعلم المنجز من قبل المتعلمين في مختلف المستويات التعليمية»3 .
يحتوي هذا الاقتباس على الأفكار التالية :
– التأكد من عملية التعلم من حيث النوعية.
– إصدار أحكام بخصوص الانتقال من مستوى تعليمي إلى مستوى تعليمي آخر.
– يتوافق التطبيق لهذا النوع من التقييم ( التجميعي ) مع الدور الذي يلعبه المدرس في إطار الرؤية التقليدية لعملية التعليم التي يلعب فيها المدرس دور المرسل للمعلومات. و يكمن دور الطالب – حسب هذه الرؤية – في استقبال المعلومات و حفظها عن ظهر قلب لغرض استظهارها يوم الاختبار.
يشهد ميدان التعليم – اليوم – تطورا على مستوى دور المدرس في العملية التعليمية، حيث انتقل دوره من مرسل للمعلومات – كما قلنا سابقا – إلى مسهل لعملية التعلم، حيث أن الدور الجديد الذي يلعبه المدرس في هذه العملية يتضمن ما نسميه عملية التقويم و الذي من أهم خصائصه تركيزه على تحسين مستوى المتعلم بتصحيح أخطائه.
تتجه عملية التقويم – كما تقول دونيز لوسي Denise Lussier « نحو المساعدة التربوية الفورية للمتعلم حيث إنها تهدف إلى إبلاغه بمستوى إنجازه لكل هدف من الأهداف التعليمية ».
كما لاحظتم ، يحتوي هذا الاقتباس على الفكرة الجوهرية التالية :
– المساعدة التربوية للمتعلم و ذلك بإبلاغه مدى تمكنه من تحقيق الأهداف التعليمية.

2- أنواع عملية التقويم و مراحلها :

كما سبق و أن عرفنا عملية التقييم و قلنا بأنها ترتكز على مجموع الدرجات التي يحصل عليها المتعلم في مختلف الاختبارات التي أجراها خلال السنة الدراسية و التي تسمى: الاختبارات اليومية و الاختبارات النصفية و الاختبارات النهائية، فعملية التقويم تطبق أيضا في مراحل مختلفة من العملية التعليمية و هي كالتالي – كما تقول دونيو لوسييDenise Lussier – :

أ- قبل البدء في عملية التعلم:

«إن الهدف من عملية التقويم في هذه المرحلة هو معرفة ما إذا كان المتعلمون يمتلكون المعلومات و المهارات التي لها علاقة بالبرنامج التعليمي المقترح تدريسه. إن إجراء عملية التقويم في هذه المرحلة من العملية التعليمية يكتسب أهمية حيث إنها ضرورية إذا ما أردنا التحقق من مطابقة البرنامج التعليمي لمستوى المتعلمين4 ».
تسمى عملية التقويم التي تجرى في بداية العملية التعليمية بعملية التقويم التشخيصي. وقد تحدث فيليب ميريوMeirieu Philippe في كتابه المعنون ” أعلم نعم … و لكن كيف “ عن تلك المعلومات و المهارات و التي يسميها بالمهارات و المهارات الجاهزة و الموجودة مسبقا لدى المتعلم عند انطلاق العملية التعليمية قائلا : « إن الشيء المحدد لنتائج العملية التعليمية هو – و بشكل متناقض – المعلومات و المهارات الموجودة سلفا لدى المتعلم و بالتحديد نقاط الارتكاز التي تلعب دورا مفصليا في عملية التعلم من خلال النشاط الذهني الذي يقوم به المتعلم و ذلك لاكتساب المعلومات و المهارات الجديدة ». يضيف فيليب ميريو نقلا عن دافيد بول أوسيبيل و كلود ج. روبنسن– للإشارة إلى أهمية امتلاك المعلومات و المهارات الأولية بل و على جاهزيتها لاستعمالها عند بدء العملية التعليمية – قائلا: «إن العامل الأكثر تأثيرا في عملية التعلم هو نوعية المعلومات الأولية التي يمتلكها المتعلم و درجة وضوحها و مدى تنظيمها عند انطلاق العملية التعليمية5»، و يضيف قائلا: «على الطالب، للقيام بعملية تعلم، أن يمتلك المعارف الأولية التي هي على شكل معلومات و مهارات و استعمالها من خلال استراتيجية معينة6».
أما ريشال كوتي Richard L. Côté فقد ركز – من جانبه – في كتابه المعنون ب ” سيكولوجية التعليم و التعلم “ على أهمية امتلاك وجاهزية المعلومات والمهارات الأولية عند انطلاق العملية التعليمية قائلا: « إنه من المهم – قبل البدء في تدريس منهج تعليمي جديد – التأكد من امتلاك الطلبة للأفكار الجوهرية ( أفكار و مهارات ذهنية أولية ) التي ترتكز عليها الأفكار الجديدة و التأكد من جاهزيتها عند انطلاق العملية التعليمية»7.
كما لاحظتم استعمل فيليب ميربو كلمة ” يجب” لإظهار درجة أهمية عملية التقويم التشخيصي قي بدء العملية التعليمية و استعمل ريشار كوتي الكلمات : التحقق – امتلاك – التأكد – الأفكار الملائمة – الجاهزية.
يبدو أن استعمال هذه الكلمات يترجم درجة الأهمية التي يوليها هذان الباحثان لعملية التقويم التشخيصي. بناء على ذلك، يمكن أن نقول أن عملية تحديد محتوى برنامج دراسي معين يجب أن ترتكز على المستوى الفعلي للمتعلم، أي ما يعرفه المتعلم فعلا و ليس بناء على ما يجب أن يعرفه باعتباره مسجلا في مستوى تعليمي معين. بتعبير آخر أقول:
يجب أن نحدد برنامج العملية التعليمية من خلال المعلومات و المهارات التي يمتلكها المتعلمون فعلا و ليس استنادا على برنامج تعليمي تم تحديده مسبقا.
إذن، علينا أن نأخذ في الاعتبار – عند ممارستنا للتدريس – المعلومات و المهارات الأولية التي يرتكز عليها المقرر الدراسي و ذلك في مرحلة إعدادنا للدروس اليومية و التي يجب أن تحترم مبدأ التدرج في تقديم المعلومات.
نعتقد – انطلاقا من هذه المعطيات – أنه يتعين علينا أن نبدأ التدريس – إذا استطعنا أن نقول – بعملية مسح معلوماتي للمستوى الفعلي للمتعلمين و ذلك للكشف و التعرف على المعلومات و المهارات التي يمتلكونها و التي تسمح لهم بإنجاز عملية التعلم بنجاح.
و بتعبير آخر، لضمان حسن سير العملية التعليمية علينا – عند قيامنا بعملية التدريس – أن نبدأ بالتعرف على مستوى المعلومات و المهارات التي يمتلكها المتعلمون فعلا و ذلك لوضع الاستراتيجية التدريسية المناسبة.
شخصيا، أنا أقارن عمل المدرس بعمل أو بمهنة الفلاح الذي – لكي يتحصل على محصول جيد في نهاية الموسم- يجب أن يجهز الأرض قبل أن يقوم بعملية البذر. و على المدرس – إذا كان حريصا على نجاح العملية التعليمية – أن يعمل على أن يبلغ المتعلمون المستوى المطلوب من اكتساب المعلومات و المهارات قبل البدء في تدريس المقرر الجديد.
بعد أن تحدثنا عن عملية التقويم التي تجري في بداية العملية التعليمية بطريقة قد تكون مستفيضة للأهمية التي تحظى بها هذه المرحلة و التي يمكن أن تحدد طبيعة سير العملية التعليمية بل و حتى نتائجها، لنتطرق الآن إلى النوع الثاني من التقويم والذي يجري أثناء نفس عملية التعليم.

ب- أثناء عملية التعلم:

يطلق على عملية التقويم التي تجري خلال العملية التعليمية التعلمية اسم التقويم التكويني. تهدف عملية التقويم هذه – كما تقول دونيز لوسيي Denise Lussier – إلى:
 «تتبع مستويات الطلبة أثناء سير العملية التعليمية و ذلك للكشف عن نقاط القوة و نقاط الضعف الموجودة لدى الطلبة و التعرف على أسبابها و استعمال أدوات التصويب المناسبة و التي تفرض نفسها و بالتالي القيام بعملية تعديل على مستوى طريقة التعليم المتبعة وفقا لطريقة سير عملية التعلم»8.
يحتوي الاقتباس الذي ذكرناه على الأفكار الآتية:
– تتبع الكيفية التي تسير عليها عملية التعلم.
– الكشف على نقاط القوة و الضعف الموجودة لدى المتعلمين.
– التعرف على أسباب الصعوبات التي يلاقيها الطلبة أثناء عملية التعلم.
– استعمال أدوات التصويب المناسبة التي تفرضها عملية التعلم.
– تعديل استراتيجية عملية التعليم وفقا للإمكانيات المتاحة.
تشير النقاط الخمس المذكورة أعلاه إلى الاستراتيجية المتبعة في التعليم عندما نطبق عملية التقويم التكويني.
إن استعمالنا لكلمة “التكويني” و التي تحتوي على فعل “كون” يضفي إلى عملية التقويم بعدا تربويا يتناسب مع الرؤية الحديثة لدور المدرس في العملية التعليمية و الذي عرفته بالمسهل لعملية التعلم. فدور المدرس اليوم انتقل من دور المرسل للمعلومات و إصدار أحكام على مدى قدرة الطالب على استظهار المعلومات في مختلف الاختبارات إلى دور المكوِّن و المسهِّل لعملية التعلم.
إن النتائج الإيجابية التي سنتوصل إليها من خلال اعتمادنا لعملية التقويم التكويني تجعلنا نقول أن تطبيق هذه العملية هو في الحقيقة ليس خيارا من ضمن مجموعة خيارات و لكن إحدى مكونات العملية التعليمية، هذا إذا كنا قلقين على نتائج العملية التعليمية أو منشغلين بها.
إننا عندما نطبق عملية التقويم التكويني نبتعد – على مستوى التفكير – عن عملية التعليم و نقترب من عملية التعلم. إن تموضعنا بجانب عملية التعلم تجعلنا نأخذ بعين الاعتبار كيفية سير هذه العملية. تعتبر هذه الطريقة في التفكير – من حيث الطبيعة – عكس ما تعودنا عليه عند قيامنا بعملية التدريس حسب النظرة التقليدية و التي على أساسها يقوم الطالب بتكييف طريقة تعلمه حسب طريقة التعليم المتبعة من قبل المدرس.
إن تموضعنا فكريا إلى جانب عملية المتعلم أيضا، يجعلنا نتكلم عن معنيين أو تعريفين لفعل “درس” و هما:
– درس بمعنى أرسل معلومات.
– درس بمعنى علم و كون.
يتطابق هذان المعنيان لكلمة “درس” مع رؤيتين مختلفتين لدور المدرس في العملية التعليمية. يتوافق التعريف الأول مع الرؤية التقليدية لدور المدرس في العملية التعليمية كمرسل للمعلومات، بينما يتطابق التعريف الثاني مع الرؤية الحديثة لدور المدرس و الذي كما- قلت سابقا – يلعب دور المسهل للعملية التعليمية. فدور المدرس – حسب التعريف الثاني – يرتكز على أخذ معلومات حول طريقة سير عملية التعلم بهدف – في حالة الضرورة – اقتراح تمارين أو أنشطة التصويب المناسبة و القيام بعملية تعديل على مستوى استراتيجية عملية التعليم.

بعض الأمثلة لطرق تعليمية تهدف إلى تسهيل عملية التعلم : القراءة

1- على مستوى التعبير الكتابي: يستطيع المدرس بعد إجراء اختبار سواء كان تقليديا ، أي يدخل في إطار عملية التقييم التجميعي، أو مجرد اختبار يهدف إلى معرفة مدى تمكن الطلبة من الأهداف التعليمية الخاصة بالبرنامج الدراسي، تخصيص حصة للقيام بعملية تصويب جماعية للأخطاء المرتكبة من قبل الطلبة. تمكن هذه الطريقة في التصحيح الطلبة من التعرف على أخطائهم. و تدفع بهم كذلك للعمل على التعرف و اكتشاف الأخطاء المرتكبة من طرف الآخرين و على نوعيتها و أخيرا تجعلهم يفكرون بل يقترحون الإجابات الصحيحة.
كما تلاحظون، فإن لهذه الطريقة في التصحيح للأخطاء بعدا تكوينيا لأنها تجعل المتعلم يتعرف على الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها. و بذلك يعمل على تجنبها فيحدث تحسن على مستوى الطالب في مجال التعبير الكتابي بفضل عملية التصويب الجماعية للأخطاء.
2- على مستوى ترجمة النصوص: يمكن رفع مستوى الطلبة في مادة الترجمة بجعلهم يقرؤون ترجمة لنصوص قام بترجمتها فصل دراسي آخر. تهدف عملية القراءة هذه إلى التعرف على الأخطاء المرتكبة لخلق نوع من الحماس داخل الفصل.
يقسم الطلبة إلى مجموعات و كل مجموعة تعين مندوبا عنها و يقوم كل طالب بقراءة صامتة للنص المترجم و ذلك للتعرف على الأخطاء بطريقة فردية، ثم يصبح العمل مع بقية أفراد المجموعة حيث يقومون باقتراح الترجمة الصحيحة. يتمثل دور المدرس في هذا التمرين في الانتقال من مجموعة إلى أخرى لتوجيه عملية النقاش في الاتجاه الصحيح و خاصة تذكيرهم بالقواعد الواجب اتباعها عند القيام بعملية الترجمة.
كما سبق و تحدثنا على الجانب التكويني في عملية التصويب الجماعية للأخطاء على المستوى الكتابي، فلعملية و مراجعة نص مترجم من طرف الغير جانب تكويني أيضا فهي:
– تسمح للطالب بالتعرف على درجة استيعابه للمحتوى الدراسي، و بالتالي على قدرته على الاستفادة من ذلك المحتوى للقيام بعملية تقييم للنص.
– ترفع عملية النقاش التي تحدث بين أفراد المجموعة الواحدة من درجة الاستيعاب للمحتوى و ذلك بالتعرف على الأخطاء التي لم يتم اكتشافها على المستوى الفردي. يلعب جانب التنافس دورا إيجابيا في هذا التمرين، حيث تحاول كل مجموعة التميز عن غيرها باكتشاف أكبر عدد من الأخطاء.
3- على مستوى تنمية استراتيجية عملية فهم النص لدى الطلبة : تتطلب عملية فهم نص مكتوبا كان أو مسموعا – بالنسبة لعدد كبير من طلبتنا – القيام بعملية شرح من قبل المدرس.
ترتكز هذه الطريقة في التفكير على الرؤية التقليدية للعملية التعليمية حيث يلعب المدرس دورا رئيسيا، و عملية فهم نص طبقا لهذه الرؤية مرتبط أولا و أخيرا بعملية الشرح. بتعبير آخر، تستند هذه الرؤية على طبيعة دور المدرس باعتباره مرسلا للمعلومات و المتعلم كمستقبل لتلك المعلومات. هذه النظرة الخاطئة للعملية التعليمية و التي لا زال يتبناها العديد من المدرسين – حالت دون قيام المتعلمين بأي مجهود شخصي لتكوين فكرة عن النص.
مع اهتمام التربويين بدور المتعلم في العملية التعليمية اليوم، أجريت كثير من البحوث في مجال ما يسمى استراتيجيات عملية التعلم إلى درجة أننا أصبحنا نتكلم عن عملية التعلم الذاتي. إن بلوغ هذه الدرجة في التعلم تدل على توصل المتعلمين إلى امتلاك الأدوات التي من شأنها أن تسمح لهم ببلوغ مستوى معين من الفهم دون مساعدة الأستاذ. فعلى سبيل المثال، عندما نعلم الطالب كيفية استعمال القاموس، يصبح قادرا على فهم معنى الكلمات الصعبة. يوضح لنا هذا المثال البسيط أنه باستطاعتنا مساعدة المتعلمين على عملية التعلم و ذلك بتمكينهم من الأدوات الذهنية المناسبة.
انطلاقا من هذه المعطيات، نستطيع أن نجعل المتعلم يكون صورة إيجابية حول نفسه تسمح له باستعمال الأدوات الذهنية التي زودناه بها أو قام – بالنسبة لبعض الطلبة – باكتشافها بنفسه و ذلك لتكوين فكرة و لو عامة عن النص أو الدرس. و بقدر ما يكون المتعلم مالكا لهذه الأدوات الذهنية بقدر ما يكون قادرا على التعلم بنفسه.
و لكن كيف نجعل المتعلم يتوصل إلى فهم النص بنفسه وتكوين فكرة عنه؟
إن الطلبة يستطيعون فعل ذلك عند إجابتهم على مجموعة من الأسئلة بعد قراءتهم للنص بطريقة صامتة. تطرقت :كرستين تجدالينت Christine Tagliante إلى هذه الأسئلة في كتابها المعنون ” دروس في تعليم اللغة”9 حتى و لو تناولت كرستين تجدالينت في هذا الكتاب موضوع العمليات الذهنية التي يقوم بها المتعلم عند قيامه بنشاط ذهني على مستوى التعبير الشفوي، أعتقد أنه بإمكاننا مساعدة المتعلمين على التوصل إلى المعنى العام للنص الكتابي و ذلك بتزويدهم بالأدوات التي يمكن أن تنمي لديهم ما نسميه مهارة أو استراتيجية فهم النص الكتابي.
ترتكز استراتيجية فهم النص المسموع ( على هيئة حوار مثلا ) بكل بساطة على الإجابة عن الأسئلة الآتية :
التقويم2

ج- بعد الانتهاء من تدريس جزء مهم من المقرر:

تهدف عملية التقويم في هذه المراحل كما تقول دونيس لوسيي إلى تقييم عملية التعلم بطريقة دقيقة و معرفة مدى تمكن المتعلمين من المعلومات و المهارات التي نرمي إلى بلوغها من خلال تدريسنا لهذا الجزء من المقرر. وترمي عملية التقييم هذه أيضا إلى إصدار حكم بخصوص الاستمرار في العملية التعليمية أو التوقف لإعادة شرح النقاط التي لم يتم استيعابها من قبل بعض الطلبة 10.
أستطيع القول أن الرفع من مستوى المتعلمين يمر بالضرورة عبر تبني عمليتي التقويم التشخيصي و التكويني. فعن طريقهما ننتقل من نموذج المدرس / الممتحِن إلى نموذج المدرس المكوِّن و المسهِّل للعملية التعليمية. ننتقل من نموذج المدرس المقيِّم و المعطي للدرجات إلى نموذج المدرس المقوِّم و المعالج و المعدِّل للعملية التعليمية. بتعبير آخر، تسمح عملية التقويم التكويني للمتعلم بالآتي :
– فهم أعمق لمحتوى العملية التعليمية.
– تبني استراتيجية في التعلم وفقا لأهداف العملية التعليمية.
– التعرف و استعمال المعلومات و المهارات المناسبة لنجاح عملية التعلم.
و من جهة أخرى تسمح عملية التقويم التكويني للمدرس بالآتي :
– التعرف على الصعوبات التي يلاقيها المتعلمون أثناء عملية التعلم واقتراح أنشطة تهدف إلى تجاوز تلك الصعوبات.
– تسهيل عملية التعلم و ذلك بتزويد المتعلمين بالأدوات و الاستراتيجيات التي تمكنهم من بلوغ أهداف العملية التعليمية.
– تتبع أفضل لمستويات المتعلمين أثناء قيامهم بعملية التعلم.
كما تلاحظون، فالعملية التعليمية التي ترتكز على عملية التقويم أكثر من ارتكازها على عملية التقييم تترجم الرؤية الجديدة لدور المدرس في العملية التعليمية في العصر الحالي.
انطلاقا من هذه المعطيات، يمكن أن نقول إن تبني عملية التقويم تترجم إرادة المدرس في تذليل الصعوبات التي يلاقيها المتعلمون. إن عدم تبني تلك العملية يولِّد لدى المتعلمين نوعا من التراكم على مستوى الصعوبات خلال عملية التعلم و يولد لديهم أيضا ما يسمى بالنقص أو العجز المعلوماتي الذي يؤدي بالضرورة إلى عدم قدرة المتعلمين على فهم محتوى المادة الدراسية. إن النقص أو العجز المعلوماتي هو الفرق بين المستوى الذي يتطلبه فهم محتوى منهج دراسي معين و المستوى الذي يمتلكه المتعلم. إن هذا الفرق يؤثر على درجة اشتراك المتعلمين في العملية التعليمية مما قد يؤدي بهم إلى الشعور بما نسميه الفشل الدراسي و الذي هو ليس دائما بالقدر الذي يعتقده البعض. في هذا الخصوص نقول إن الفشل الدراسي لا يمكن تفسيره دائما بعدم امتلاك الموهبة أو الذكاء في تخصص معين و لكنه يكون غالبا نتيجة لوجود نقاط ضعف قي المنظومة التربوية تحول دون بلوغ جزء من المتعلمين لأهداف العملية التعليمية.
من الملاحظ وجود علاقة وطيدة بين العجز المعلوماتي و فشل العملية التعليمية. إن نجاح هذه العملية تتطلب منا – نحن المدرسون – تطبيق ما يسمى بعملية المسح المعلوماتي و ذلك ، أولا، للتعرف على المستوى الفعلي للمتعلمين و العمل على الحد من درجة العجز المعلوماتي – إن وجد – ثانيا ، تزويد المتعلمين بالأدوات التي تمكنهم من امتلاك بل من تطبيق استراتيجيات التعلم الناجعة، و هذا لا يتأتى إلا برفع درجة الكفاءة المهنية للمدرسين.
أعتقد أنه لكي نقاوم ظاهرة الفشل الدراسي، علينا أن نركز على تأهيل المدرسين و اعتماد ما يسمى برنامج التأهيل المستمر. إنه الطريق الوحيد الذي سيمكننا من الرفع من مستوى أدائنا اليومي و بالتالي من تحسين نظامنا التعليمي. إن الشيء الذي أقترحه ليس بالجديد. في الواقع، كل الدول التي تحظى بنظام تعليمي ناجح تطبق نظام التأهيل المستمر للمدرسين.

الخاتمة:

إن نجاح العملية التعليمية يرتكز بالضرورة على تبني عمليتي التقويم التشخيصي و التكويني في العملية التعليمية. فتطبيقهما يترجم عملية الانتقال من نموذج المدرس المرسِل للمعلومات إلى نموذج المدرس المسهِّل لعملية التعلم. لذلك نقول إن هذا التبني ليس خيارا و لكن ضرورة لو كنا فعلا منشغلين بل و حريصين على إنجاح العملية التعليمية.
إن تصور دور المدرس كمسهل لعملية التعلم هو تصور قائم على جعل استراتيجية عملية التعليم ترتكز على استراتيجية عملية التعلم. إنه من عادتنا الحديث عن استراتيجية عملية التعليم بل لقد أشبع هذا الموضوع بحثا من قبل التربويين و لكن نادرا ما نتحدث عن استراتيجيات عملية التعلم وهو الشيء الذي أثر سلبا على نتائج العملية التعليمية. بتعبير آخر، فعدم الأخذ بعين الاعتبار الاستراتيجية المتبعة من قبل المتعلمين لاستيعاب محتوى البرنامج الدراسي هي الخطوة الأولى نحو فشل العملية التعليمية. إن نجاح هذه العملية يتطلب منا تطبيق الطرق التعليمية الحديثة. طرق تعليمية حديثة تستلزم دورات في إطار التأهيل المستمر. فكما يعرف الجميع، يمكن هذا النوع من الدورات المدرسين من :
– تنمية كفاءاتهم المهنية.
– إعادة النظر في ممارساتهم اليومية للعملية التعليمية.
– إثراء خبراتهم المهنية والاستفادة من ذوي الخبرات الواسعة في الميدان عن طريق ورشات النقاش.
إن الرفع من مستوى التعليم بصفة عامة و اللغات بصفة خاصة في بلادنا لا يتأتى فقط عن طريق استعمال المناهج التعليمية الحديثة، و لكن بالتركيز بل بإعطاء الأسبقية لعملية رفع الكفاءة المهنية للمدرسين، وذلك من خلال جعل عملية التأهيل المستمر للمدرسين من ضمن العناصر الأساسية في المنظومة التعليمية.


1 عرض هذا العمل باللغة الفرنسية في ندوة حول تدريس اللغة الفرنسية في ليبيا التي نظمت بجامعة طرابلس   بتاريخ  15  مايو  2013.
2 ترتكز طريقة التدريس الاتصالية على تزويد المتعلم بالأدوات التي تسمح له مباشرة باستعمال اللغة خلافا لطريقة التدريس البنيوية التي تعطي الأسبقية في التدريس للجانب البنيوي و القواعدي للغة.
3  Denise Lussier, Evaluer les apprentissages dans une approche communicative, Paris, Hachette, p. 22
4 Ibid
 D.B. AUSUBEL et F.G. ROBINSON, An introduction to educational psychology, in Philippe MEIROEU, Apprendre… Oui, mais comment, Paris, Les éditions  ESF ; 2 ed, p. 129
6 P. Meirieu, Stratégies d’apprentissage, Les chemins de l’apprendre, Cahiers pédagogiques, n° 246, 1986, p 13
R. L. Côté, Psychologie de l’apprentissage et enseignement, une approche modulaire d’autoformation, Canada, Québec, gaëtan morin, 1987, p 138
Denise LUssier, op cit p. 22
Voir, C.Tagliante, La classe de langue, Paris, CLE international, 2006
10 Denise LUssier, op cit p. 22
المراجع:
1 – Boyer ( H ) , BUTZBACH- RIVERA ( H ); Nouvelle introduction à la didactique du français langue étrangère,Paris, CLE International, 1990
2 – Côté ( R. L ), Psychologie de l’apprentissage et enseignement, une approche modulaire d’autoformation, Canada, Québec, gaëtan morin, 1987
3 – Lussier ( D ), Evaluer les apprentissages dans une approche communicative, Paris, hachette, 1992
4 – Meirieu  ( P ), apprendre …oui, mais comment, Paris, Les Editions ESF, 2 Edition, 1988
5 – Meirieu ( P ), Stratégies d’apprentissage, Les chemins de l’apprendre, Cahiers pédagogiques, n° 246, 1986
6 – Tagliante ( C ), La classe de langue, Paris, CLE international, 2006

ماذا تعرف عن منهج مونتيسوري التعليمي ؟

montessori new educ

ماذا تعرف عن منهج مونتيسوري التعليمي ؟

لن نجد مقدمة أو توطئة للموضوع الذي سنتطرق له اليوم أحسن من عبارة مونتيسوري الخالدة : { لقد اختلفت مع زملائي في اعتقادي أن الإعاقة العقلية تمثل في أساسها مشكلة تربوية أكثر من كونها مشكلة طبية } . هذه القولة تمثل خلاصة و جوهر منهج مونتيسوري الذي سنحاول تسليط الضوء عليه في هذه المقالة، لنبدأ أولا ببطاقة تعريفية عن مونتيسوري ثم ننتقل بعد ذلك إلى محاولة الإحاطة بجميع جوانب منهجها التعليمي الذي لا يمكن أن يوصف إلا بكونه متميزا .

1 – من هي ماريا مونتيسوري ؟

Maria Montessori 2
الدكتورة ماريا مونتيسوري هي مدرسة و مربية ذات شهرة كبيرة على الصعيد العالمي، تمتعت بشخصية قوية، و هي كذلك أول طبيبة إيطالية اتبعت المنهج العلمي  في التعليم، فاستعانت لتحقيق ذلك بالملاحظة و المراقبة والتجارب و البحث العلمي معتمدة على دراسة تطور الأطفال و آلية تعليمهم .
ولدت ماريا مونتيسوري في بلدة كيارافالي بمقاطعة أنكونا وسط إيطاليا سنة 1870 م، رشحت لجائزة نوبل للسلام ثلاث مرات لتوافيها المنية في هولندا سنة 1952 م . اهتمت بدراسة أعمال الطبيبين جان إيتارد و إدوارد سيجوان اللذان اشتهرا بأعمالهما عن الأطفال المعاقين، كما تأثرت بأعمال يوهان هاينريش بستالوتزي و فريديك فروبل و أيضا جان جاك روسوالذي يطالب بعودة الطفل إلى أحضان الطبيعة. لتتبنى مونتيسوري فكرة تربية الطفل وفق ميوله لتنميته روحيا و فكريا و حركيا عبر مجموعة أنشطة تلبي حاجاته
 و تنمي إمكانياته داخل مؤسسات متخصصة و طبقا لمواصفات و أهداف تعليمية دقيقة .
بعد ذلك أسست ماريا مدرسة للمعاقين أسمتها أورتوفرينكا و عملت مديرة لها لمدة سنتين، طبقت خلالها مبادئ سيجوان في تربية الأطفال ذوي الإعاقات العقلية، لتحقق نجاحا باهرا جعلها تكتشف أن هناك أخطاء كبيرة في طرق و أساليب تعليم الأطفال الأسوياء، لتقول مونتيسوري قولتها المشهورة :
بينما كان الناس في منتهى الإعجاب بنجاح تلاميذي ذوي الاحتياجات الخاصة كنت في منتهى الدهشة والعجب لبقاء  الأطفال الأسوياء في ذلك المستوى الضعيف من التعليم.لذلك خلصت إلى أن الطرق التي نجحت مع المعاقين لو استعملت مع الأطفال العاديين فلا شك أنها ستنجح نجاحا باهرا،  لتصمم على بحث الأمر دراسته من جميع الوجوه.

2 – منهج مونتيسوري التعليمي في سطور :

اتبعت منتسوري الطريقة العلمية لمراقبة النظام البيولوجي لنمو الأطفال بهدف تصميم منهج تعليمي يراعي الإمكانيات و الخصوصيات الفردية لكل طفل، و يتجلى أساس هذه الطريقة في توفير وسائل التربية الذاتية في بيئة الطفل، و يشترط فيها أن تكون طبيعية قادرة على إثارة اهتمام الطفل.
وفي هذا السياق لابد من الإشارة إلى القاعدة المنتسورية التي تقول : ” يساعد النظام الخارجي في بناء النظام الداخلي “و تطبق هذه القاعدة في الفصول من خلال تجهيز أدوات التعليم بحسب المواضيع التعليمية، وتنظيم الأدوات بحسب تتابع تقديمها من السهل إلى الصعب ومن الرمز إلى المجرد.
التعليم حسب منهج مونتيسوري التعليمي يجب أن يكون فعالا و داعما و موجها لطبيعة الطفل، باستخدام نظام بسيط من التعليم و الابتعاد عن تراكم المعلومات و التلقين و الحفظ، لأن الطفل يجب أن يتعرف على العالم من حوله من خلال حواسه.
و بتعبير آخر و باختصار، يمكن القول أن منهج مونتيسوري هو منهج تعليمي يعتمد على فلسفة تربوية تأخذ بمبدأ أن كل طفل يحمل في داخله الشخص الذي سيكون عليه في المستقبل، منهج يؤكد على ضرورة أن تهتم العملية التربوية بتنمية شخصية الطفل بصورة تكاملية في النواحي النفسية و العقلية و الروحية و الجسدية الحركية، لمساعدته على تطوير قدراته الإبداعية و القدرة على حل المشكلات و تنمية التفكير النقدي وقدرات إدارة الوقت وغير ذلك من الأمور .

3 –  نقط أساسية في منهج مونتيسوري التعليمي :

هذه، إن شئنا القول، أفكار قد تلخص لنا بعض سمات منهج مونتيسوري التعليمي :
- تعتبر أفكار مونتيسوري مزيجا متوازنا بين العقلانية و العملية .
- الحرص على حرية الأطفال في الاختيار و الحركة و ليس التقليد المباشر .
- من خلال البيئة المعدة، تتوفر لنا إمكانية التحكم فيما يتعلمه الطفل.
- يتجلى دور المعلم في عدم التدخل و في قيامه بالقيادة نحو التعلم.
- بفضل الأدوات التعليمية يتفاعل الطفل مع المعرفة عن طريق حواسه .
- المحافظة على اهتمام الطفل بتشجيعه و تزويده بمعلومات حول النقاط الأساسية ليتمكن من معرفة ما يجب عمله .
montissori 02

4 – مؤلفات ماريا مونتيسوري :

من مؤلفات ماريا مونتيسوري يمكننا أن نذكر :
  • الطفل في الأسرة
  • القوة الإنسانية الكامنة (To Educate the HumanPotential 1948)
  • اكتشاف الطفل (The Discovery of the child)
  • سر الطفولة (The Secret of Childhood 1936)
  • طريقه مونتيسوري المتقدمة (Method 1917-18 The Advanced Montessori)
  • من الطفولة إلى المراهقة.
  • المرشد في تعليم الصغار.
  • التربية من أجل عالم جديد (Education for a New World 1946)
  • التعليم من أجل السلام.
  • العقل المستوعب (The Absorbent Mind, 1949).
  • منهج منتسوري (The Montessori Method, 1912)

5 – فلسفة و مبادئ منهج مونتيسوري التعليمي :

Maria-Montessori 1
تقول مونتيسوري بعدما نالت إعجاب المربين بتفوق تلاميذها : ” إن نجاح الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة و قدرتهم على مناقشة الأطفال العاديين إنما يرجع إلى عامل واحد فقط و هو أنهم تعلموا بطريقة مختلفة ‟
هذه العبارة تلخص جزءا كبيرا من فلسفة منهج مونتيسوري لتربية الأطفال المعاقين و الذي يؤتي نتائج إيجابية مع الأطفال الأسوياء ومن أهم ركائز هذا المنهج :
  • التركيز على حرية و استقلالية الطفل ضمن حدود ( حرية الطفل في اختيار الأنشطة و الوسائل التي يفضلها ضمن مجموعة من الأنشطة المحددة مسبقا ).
  • احترام النمو النفسي الطبيعي للطفل .
  • الفصول تحتوي على أعمار مختلطة من عمر 3 إلى 9 سنوات.
  • الطفل في حالة تحول مستمرة و مكثفة سواء في جسمه أو عقله .
  • السنوات من 3 إلى 6 هي مرحلة بناء الفرد .
  • فلسفة التعليم عند مونتيسوري تؤمن بأن التعليم يجب أن يكون فعالا و داعما و موجها لطبيعة الطفل .
  • الطفل منظم : فصول المونتيسوري هادئة وآمنة و منظمة لتؤمن للطفل بيئة هادئة تدعم حاجته للتركيز و التنظيم.
  • يتعلم الطفل ذاتيا : يبني الطفل معرفته من خلال الاحتكاك والتفاعل الجسدي مع البيئة ليكون الصور الذهنية لديه، والتي ستكون لاحقا الأساس للتعليم المجرد .
  • يكرر الطفل النشاط أو التمرين الواحد عدة مرات حتى يتمكن من إتقانه.
  • منهج مونتيسوري هو أسلوب حياة تتبعه الأسرة كلها.
  • احترام الطفل هو أهم أعمدة طريقة مونتيسوري، عندما تحدث طفلك استخدم كلمات مثل “من فضلك” و”شكرا” و”عفوا”
  • احترام قدرات الطفل و إمكانياته و تقبل الاختلافات و الفوارق بين الأطفال .
  • تشجيع الطفل على تحمل المسؤولية  و المشاركة في المهام المنزلية و الأسرية.
  • سوف يتعلم الطفل كل شيء في أوانه – لا تقلقوا !
وهكذا يسعى نظام مونتيسوري إلى احترام شخصية الطفل، و إبعاده عن تأثيرات الكبار مع الحرص على تمتعه بقدر كبير من الحرية ركيزة هذا النظام. نظام تربوي مؤسس على اعتبار الطفل مشاركاً إيجابيا في إطار بيئة أعدت خصيصا له ، بيئة تتيح له فرص التحرك و اختيار الأعمال بتلقائية و استخدام حواسه الخمسة لاستكشاف العالم من حوله.

6 – حجرات و فصول التدريس في طريقة مونتيسوري :

Maria-Montessori 11
جدير بالذكر أن بيئة التعلم حسب منهج مونتيسوري تقوم على ستة مبادئ و هي : الحرية الهيكلية و النظام و الواقعية ( الطبيعة ) و الجمال و الجو العام و حياة المجتمع. وهكذا فغرف التدريس في نظام منتسوري تراعي هذه النقط وعليه فهي بسيطة للغاية، جميع محتوياتها تناسب المرحلة العمرية للطفل، فلا وجود لسبورة و لا كتب، فالمتعلم هو المحور و ليس المعلم، وله حرية التعبير و ممارسة كل نشاطاته.
فيبدأ التعلم من سن الثالثة، تعلم الكتابة و القراءة و جرعات من العلوم و الرياضيات حسب عمر الطفل ودرجة استيعابه، إذ أن مبدأ التعليم في منهج مونتيسوري يعتمد على العمر العقلي للطفل و ليس عمره البيولوجي.
و على هذا النهج أسست مونتيسوري مدرسة للمعاقين و طبقت فيها مبادئ سيجوان في تربية ذوي الإعاقات العقلية، ونجحت نجاحا باهرا أدى بها إلى الاعتقاد أن هناك أخطاء كبيرة في طرق و أساليب التربية المتبعة في تعليم الأطفال العاديين .
ويرجع نجاح مونتيسوري إلى اهتمامها بهدفين أساسين، أولهما هدف ” بيولوجي ” و هو مساعدة الطفل على النمو الطبيعي، والآخر هدف ” اجتماعي ” و هو مساعدة الطفل على التكيف مع الوسط الذي يعيش فيه من خلال تدريب حواسه .

7 – مراحل النمو حسب مونتيسوري :

قبل ذلك يجب أن نعرف أن  ماريا مونتسوري اهتمت بثلاثة أشياء محورية في منهجها و هي صحة الأطفال و تربيتهم الخلقية و نشاطهم الجسماني. وهكذا قسمت ماريا مونتيسوري عملية التنمية البشرية للإنسان إلى أربع مراحل أساسية، تمتد من عمر الولادة و حتى عمر 24 عاما، و قد وضعت لكل مرحلة رؤية خاصة للخصائص و طرق التعلم و الأنشطة الضرورية.
المرحلة 1 : من عمر الولادة حتى 6 سنوات
شددت مونتيسوري على أهمية السنوات الست الأولى من حياة الطفل فهذه الفترة من حياة الطفل تتميز – حسب مونتيسوري – بكونها الفترة التي يتأقلم فيها الطفل مع من حوله، و تنقسم هذه السنوات إلى 3 مراحل و هي :
أ – مرحلة العقل المستوعب : حيث يتأثر الطفل بالبيئة المحيطة به وتشكل أساس تعلمه في المستقبل.
ب – الفترات الحساسة : تتميز بتكرار الطفل لأنشطة معينة حتى يتقنها.
ج – فترة الوعي الكامل : يطبق الطفل بوعي كامل ما سبق و اكتسبه من معرفة و مهارات.
وهكذا ترى مونتيسوري أن كل مشكلة عند الطفل هي بسبب المعاملة الخاطئة التي يتلقاها من الكبار، كالطفل الذي لم يتعوّد على الاستقلالية بحيث تنوب عنه المربية أو الأم في القيام بالعمل.
و في هذه المرحلة، لاحظت الدكتورة مونتيسوري أن الأطفال يميلون للاكتشاف و تنمية قدراتهم النفسية والجسدية، وعن أهم القدرات التي يجب أن تركز أنشطة مونتيسوري على تطويرها في هذه المرحلة نذكر مهارات اللغة و النظام و صقل الحواس و التركيز على السلوك الاجتماعي و تبني أهداف صغيرة.
المرحلة 2 : من عمر 6 سنوات حتى 12 سنة
في هذه المرحلة، لاحظت مونتيسوري العديد من التغيرات النفسية و الجسدية على الأطفال وقد طورت بيئة الفصول و المواد الدراسية والمواد الطبيعية بما يتناسب مع هذه التغيرات، و من الصفات التي لوحظ تطورها في هذه المرحلة : الميل إلى العمل في مجموعات و تطور الخيال و الحس الأخلاقي و التنظيم الاجتماعي و القدرات الإبداعية و تشكيل الاستقلال الفكري.
المرحلة 3 : من عمر 12 حتى 18 سنة 
وهي بالأساس مرحلة المراهقة، وقد لاحظت مونتيسوري أن هذه المرحلة تتتميز بتغيرات جسدية مرتبطة بعمر البلوغ و ما يرافقها من تغيرات نفسية، و لهذا فالأنشطة يجب أن تراعي خصوصيات هذه المرحلة كعدم الاستقرار النفسي و عدم التركيز في هذا العمر و نمو شعور الكرامة و الاعتزاز بالنفس، و هذه المرحلة هي مرحلة بناء الذات – حسب مونتيسوري دائما – .
المرحلة 4 : من عمر 18 حتى 24 سنة
وهي مرحلة النضوج بالأساس، ولم تطور مونتيسوري أنشطة تعليمية لهذه المرحلة، لكنها اعتمدت منهجا للتنمية الذاتية لأشخاص نضجوا في ظل فلسفة مونتيسوري .

8 – دور المدرس  في طريقة مونتيسوري :

أكدت مونتيسوري أن دور المعلم و المعلمة يتمثل في ملاحظة الطفل من أجل تحديد اهتماماته و ميولاته، و من تم إعداد البيئة الملائمة لتناسب احتياجات الطفل. أي أن كل ما يحيط بالطفل يجب أن يكون لخدمته و يلبي احتياجاته. وقد أثبتت طريقة مونتيسوري نجاحها من خلال استمراريتها على مدى أكثر من 100 عام حول العالم .

9 – الأسس السيكولوجية لطريقة منتسوري لتربية  ذوي الاحتياجات الخاصة 

يمكن إجمال هذه الأسس في 4 قوانين و هي :
  • القانون الأول : أن تكون الأنشطة المقدمة في مستوى أقل من تلك التي تقدم للأطفال الأسوياء .
  • القانون الثاني : مراعاة خصائص التطور العقلي للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة و مراعاة ميولاتهم . ( يجب أن تهتم التربية بالمثيرات الغنية التي تؤدي إلى إشباع خبرة الطفل إذ أن الطفل ” المعاق عقليا ” يمر بلحظات نفسية يكون استعداده العقلي فيها لتقبل المعلومات قويا فإذا تركنا هذه اللحظات تمر هباءً، يصبح من العبث أن نحاول إعادتها لأن الوقت المناسب قد مضى ) .
  •  القانون الثالث : يجب العمل مع الطفل في الفترات التي يجد فيها نفسه على استعدادا لإشباع ميوله .
  •  القانون الرابع : إعطاء الطفل القدر الكافي من الحرية .

10 – طرق تطبيق الأسس السيكولوجية حسب منهج مونتيسوري التعليمي : 

Maria-Montessori 6
يمكن تطبيق منهج مونتيسوري التعليمي اعتمادا على أنشطة و تدريبات مختلفة نذكر منها على سبيل المثال :
– تدريبات لتأهيل الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة للاندماج في الحياة الاجتماعية .
– تدريبات تعليمية تهدف إلى إكساب الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة معلومات أو خبرات أو مهارات معينة .
– تدريب حاسة اللمس عن طريق ورق الصنفرة مع تنويع سمكه و درجة خشونته .
– تدريب حاسة السمع عن طريق تمييز الأصوات و النغمات المختلفة مثل أصوات الطيور و الحيوانات .
– تدريب حاسة التذوق عن طريق تمييز الطعم، الحلو و المر و المالح و الحامض .
– تدريب حاسة البصر عن طريق تمييز الأشكال و الأطوال والألوان و الأحجام .
– تدريب الطفل على الاعتماد على نفسه عن طريق استخدام الأدوات التعليمية.

11 – نماذج أنشطة أساسية في مدرسة ماريا مونتيسوري للحياة العملية :

– القائمة أسفله عبارة عن أمثلة تفصيلية لأنشطة و مهام يمكن الاستئناس بها أثناء تطبيق طريقة مونتيسوري :
– فتح و غلق الصناديق و علب البسكويت و أنواع مختلفة من الأبواب و الدواليب.
– سكب الحبوب و سكب الماء في قارورة من خلال قمع.
– طي الملابس و فك الطي بعد ذلك.
– رفع و حمل و وضع أشياء حساسة أو سهلة الكسر.
– رفع و حمل السجادة الصغيرة الخاصة بالأرض.
– طي و فك السجادة الصغيرة الخاصة بالأرض.
– رفع و حمل ثم وضع كرسي.
– تلميع الأثاث و الأشياء والنوافذ و المرايا.
– غسل الملابس.
– ترتيب السرير.
– غسل و تجفيف الأواني و أدوات المطبخ.
– وضع الأواني و أدوات المطبخ في مكانها.
– غلق و فتح الستائر.
– ترتيب الزهور في المزهرية.
– استعمال المقص ومناولته لشخص.
– مناولة الكتاب.
– حمل و تشغيل آلة تسجيل أو ما شابهها.
– غسل اليدين و الوجه.
– تسريح الشعر.
– تضفير الشعر ( للبنات ).
– ربط رباط الأحذية.
– تعليق الملابس فوق الشماعة.
– تحية الأصدقاء والغرباء.
– تنظيف التراب.
– كنس الأرض بالمكنسة.
montissori 01

12 – بماذا يتميز منهج مونتيسوري التعليمي عن باقي البرامج المعروفة و المتداولة ؟

يتميز منهج مونتيسوري التعليمي بعدة مميزات منها :
– يعلم أو يلقن الأفراد كما المجموعات : في التدريس على طريقة مونتيسوري يقدم المعلم/المعلمة الدروس للأطفال بشكل منفرد و يكون بإمكان الأطفال الآخرين المراقبة في حال كانوا مهتمين .
– ليس على الطفل أن يشارك في عمل غير مستعد له : تبقى الرغبة في التعلم هي المحرك الرئيسي لكل نشاط .
– الأطفال يتعلمون من خلال العمل أكثر من الاستماع و التذكر : يتعلم الأطفال من خلال التدريب على أدوات تعليمية و هي تجسد المبادئ التي يجب على الطفل تعلمها أو إتقانها. فمثلاً عندما يتعرف الأطفال على الأشكال الهندسية كالمثلثات و المربعات و الدوائر، فهم يقومون بذلك من خلال الأشكال الحقيقية و يستخدمونها من خلال ابتكار التصاميم .
– نظام المونتيسوري يقوم على حرية الاختيار و ليس على تحديد أوقات نشاطات معدة : بما أن كل شيء في بيئة مونتيسوري مصمم ليكون مفيدا وتعليميا، فإن الطفل حر في اختيار ما يناسب رغباته واهتماماته.
– شمولية منهج مونتيسوري التعليمي فهو يعلم أكثر من مجرد الأساسيات حيث أنه يطور :
  • قدرة الطفل العقلية
  • قدرته في السيطرة على الحركة
  • استعمال الحواس  ( تطور الملاحظة )
  • التفكير ( تطور الإدراك)
  • العزيمة ( التطور الإرادي)
  • وعيه و إدراكه وسيطرته على عواطفه (التطور العاطفي)
  • القدرة على التمييز بين التصرف الحسن والتصرف السيء (التطور الأخلاقي)
  • آلية الحصول على الأصدقاء و أن يكون عضواً مساهماً في المجموعة (التطور الاجتماعي)
  • استعمال اللغة (تطور اللغة)
أي أن هذا المنهج يساعد الطفل على أن يصبح متعلما بتنمية الاستقلالية لديه و تحمل المسؤولية إضافة إلى مساعدته على ضبط اللغات و الرياضيات و التعمق في دراسة جسم الإنسان و الجغرافيا و علم الحيوان و علم النبات و العلوم الفيزيولوجية وعلوم الأرض و الفلك و التاريخ و الفن و الموسيقى و الرقص، و كذلك تعلم المهارات العملية اليومية كالطبخ و النجارة و الخياطة…

13 – ما هو مفهوم مونتيسوري للانضباط أو النظام ؟

Maria-Montessori 12
يقوم منهج مونتيسوري التعليمي على أساس التحكم بالانضباط الذاتي لدى الطفل، كما يسمح بتطويره وتغيير تصرفاته من خلال جذب اهتماماته و رغباته ضمن بيئة المونتيسوري المعدّة بعناية.
ذكرت الدكتورة مونتيسوري أن كثيرا من الأطفال الذين نعتقد بأنهم غير منضبطين هم في الواقع محبطون لعدم وجود التحفيز المناسب و لأن بيئة التعلم لا تناسبهم . و لهذا فإن برنامج مونتيسوري يهتم بتطوير الانضباط الشخصي من خلال تعليم الطفل كيفية التعامل مع الرغبات والاحتياجات مع التركيز على تعليم المهارات، وتطوير الطفل اجتماعيا و عاطفيا وأخلاقيا و إراديا والابتعاد عن السيطرة على الطفل من خلال المكافأة و العقاب .

14 – أمثلة عملية لتطبيق منهج مونتيسوري التعليمي :

– تعليم الكتابة للطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة عند ماريا منتسوري :
تذكر ” ماريا منتسوري ” أنه في حالة الأطفال المعاقين عقليا القابلين للتعلم يمكن تدريب العضلات و تشكيلها، و لهذا فالمقدرة على الكتابة من الممكن أن يتعلمها الطفل المعاق عقليا القابل للتعلم . وتضيف أيضا أنه من المهم أثناء تعليم الطفل الكتابة أن نفحصه و نلاحظه و هو يكتب بغض النظر عن مدى صواب الكتابة في حد ذاتها .
– تعليم الحروف : تعلم الحروف حسب منهج مونتيسوري مشابه لتعليم الأشكال، فكما أن الأطفال يتعلمون كيفية التمييز بين الأشكال الهندسية عن طريق اللمس أولا ثم عن طريق النظر،نجد كذلك أن ” ماريا منتسوري ” تنصح باتباع هذه الطريقة في تعليم الحروف فتصنع الحروف من خشب أو من ورق مقوى و بلمس الأطفال لهذه الحروف يتعلمون أسماءها الواحد تلو الآخر أثناء عملية اللمس. بعد ذلك تعرض عليهم الحروف مكتوبة على الورق، وهنا تأتي المرحلة الثانية من مراحل تعلم الكتابة و هي تعلم الحروف عن طريق حاسة النظر .
– تعليم القراءة للطفل المعاق عقليا :
تصر ” ماريا منتسوري ” على أهمية عنصر الفهم في القراءة فهي ( أي القراءة ) عبارة عن فهم الفكرة من الرموز المكتوبة و تبدأ دروس القراءة بأسماء الأشياء المعروفة أو الموجودة في الحجرة وهذا يسهل على الطفل عملية القراءة فهو يعرف مقدما كيف ينطق الأصوات التي تكون الكلمة. وخطواتها كما يلي :
يتناول الطفل بطاقة كتب عليها اسم شيء معين فيكون عمله مقصورا على ترجمة العلامات المكتوبة إلى أصوات فإذا قام بذلك بطريقة مناسبة فليس على المعلم إلا أن يشجعه على زيادة سرعة القراءة، ثم يضع الطفل البطاقة بجوار الشيء الذي تحمل اسمه ليتم الانتقال إلى قراءة الجمل .
تعليم الحساب للطفل المعاق عقليا 
تستخدم ” ماريا منتسوري ” في تعليم الأطفال الأعداد ما يسمى بطريقة السلم الطويل، و هي عبارة عن مجموعة من عشرة حبال طول الأول متر واحد و الأخير طوله عشرة سنتيمترات ــ يمكن أيضا استخدام عشر مساطر خشبية بنفس أطوال الحبال ــ وتنقل الحبال في الوسط بالتدرج ثم تثبت هذه الحبال من طرفيها مكونة سلماً تسميه ” ماريا منتسوري ” السلم الطويل و تقسم الحبال أو المساطر إلى أجزاء ديسميترية ( كل مسافة عشرة سنتيمترات ) وتنقش المسافات على الحبال بالأزرق و الأحمر على التوالي ( تمرينات الحس لتعويد الأطفال التمييز بين الأطوال )   .
و إذا ما تمرن الطفل على ترتيب الحبال طوليا يطلب منه أن يعد الأقسام الحمراء والزرقاء مبتدئا بالأقصر ثم يعطى أرقاما لكل حبل على سبيل التسمية فيستطيع الطفل أن يقول أن الحبل رقم ( 1 ) يحتوي على ( … ) وحدة من الوحدات الحمراء و ( … ) وحدة من الوحدات الزرقاء وهكذا في باقي الحبال فيتعلم الطفل مبادىء الجمع .
وللإشارة فقد ابتدعت ” ماريا منتسوري ” أجهزة مختلفة لتعليم العمليات الأربعة في الحساب بطريقة حسية يقبل عليها الأطفال بحب فيتعلمون و هم يلعبون .
15 – الوسائل التربوية المستعملة في منهج مونتيسوري :
انطلاقًا من مبدأ التربية الذاتية و التعلم بحرية اعتمدت منتسوري وسائل تعليمية مختلفة يمكنكم الاطلاع على نماذج منها عبر هذا الرابط، إذ اعتبرت أن الحواس أساس التعلم و التنمية الذهنية.و عليه تعتمد طريقة منتسوري على استخدام وسائل متنوعة منها على سبيل المثال :
– مجموعات من الأشكال الهندسية المختلفة.
– مجموعات من علب خشبية ذات أحجام مختلفة مرقمة من واحد إلى عشرة.
– مجموعة ألواح خشبية ذات أوزان مختلفة و أشكال هندسية مختلفة.
– أشكال هرمية و مخروطية و أسطوانات و دوائر.
– مجموعة متنوعة من الأجراس المتدرجة النغمات الصوتية.
– مجموعة أقمشة مختلفة.
– مجموعة أوراق ملونة و مختلفة.
– مجموعة من الأحرف الخشبية و بطاقات لتعليم الكتابة والقراءة (الصورة والكلمة).
كما تركز الطريقة على دور الآباء و أولياء الأمور في نمو أطفالهم، فمن الواجب عليهم الوعي بحاجاتهم، و تهيئة بيئة البيت المناسبة لهم من ناحية الديكور والراحة، لأنها تعتبر أن دور الأهل مكمل لدور المدرسة ومساعد في النمو الإيجابي للطفل.

16 – ألعاب تعليمية تتوافق مع طريقة مونتيسوري :

  • لعبة حمل الكرسي : لعبة تتناسب مع الأطفال من 2 إلى 5 سنوات، حيث يتم حمل الكرسي إلى المكان المطلوب و تحاشي الاصطدام بما يوجد في المكان من أشخاص وأشياء، على أن يبقى مقعد الكرسي أفقيا طوال الوقت .
  • لعبة تلميع الأحذية : للأعمار من 3 إلى 5 سنوات، المطلوب إدخال اليد اليسرى في الحذاء و رفعه إلى مستوى مناسب ثم مسك الخرقة باليد اليمنى ، بعد أن نضع  عليها قليلا من المادة الملمعة ثم تمريرها على الحذاء.
  • ألعاب الأزرار : للأطفال من سنتين و نصف إلى 3 سنوات، الهدف من هذه اللعبة هو تعليم الطفل التمييز بين الألوان المختلفة، حيث يضع الطفل جميع الأزرار ذات اللون الواحد في صحن مستقل، بعد ذلك يتعرف الطفل أسماء الألوان.
  • لعبة السير على الخط : للأعمار من 3 إلى 5 سنوات، الهدف الرئيسي من هذه اللعبة التعليمية هو التمرن و التعود على حفظ التوازن  و رشاقة الحركة. حيث يقوم  المعلم أو المعلمة بالمشي فوق خيط و هو يضع إحدى قدميه أمام الأخرى و يشدد على ضرورةالتوازن. بعد ذلك يقوم الطفل بالسير على الخيط بقدر ما يستطيع من الهدوء و هو يحمل أشياء مختلفة. يمكن تشكيل الخيط بأشكال مختلفة كالدائرة أو رقم 8 …
1000 ليرة إيطالية نقدية عليها صورة ماريا مونتيسوري.

17 – منهج مونتيسوري التعليمي متبع منذ قرن من الزمن فهل مازال صالحا اليوم ؟

يظل منهج مونتيسوري التعليمي الأصلي ( الجوهر ) بمثابة العمود الفقري لأي طريقة تستلهم مبادئه و فلسفته، يكفي فقط إدخال التغييرات المناسبة ( كاستعمال الحاسوب و تعديل تمارين الحياة العملية لجعلها متماشية مع الثقافة ) لجعل التعليم مناسبا للبيئة و المحيط الذي لا محالة يفرض نفسه في العملية التعليمية. وعلى العموم فأفكار مونتيسوري مازالت تثبت جدارتها لأن مراحل التطور الإنساني لم تتغير. أضف إلى ذلك أن الأبحاث المعاصرة تؤكد و تكرر ما قالته مونتيسوري – منذ سنوات خلت – في مجال تعليم الأطفال. الجواب إذن هو نعم.
إليكم هذا الفيديو لتتعرفوا أكثر على منهج مونتيسوري التعليمي :