الأربعاء، 30 مارس 2016






يقع هذا الكتاب في ثمانية فصول مرتبة على النحو التالي
1 إعاقات التعلم
2 واقع تعليم المعاقين تعليميا والتحديات التي تواجه المدرسين
3 المنظور الاجتماعي لتعليم المعاقين تعليميا
4 نماذج من التلاميذ المعاقين تعليميا
5 نماذج من استراتيجيات التفاعل الصفي لتعليم التلاميذ الموهوبين ممن يعانون من  التأخر الدراسي
6 التفاعل الصفي في مقابلة صعوبات تعلم الرياضيات
7 التفاعل الصفي .. منطلق أساسي لتعليم مادة الرياضيات للتلاميذ العاديين والمعاقين تعليميا
8 توظيف تكنولوجيا التعليم من خلال التفاعل الصفي لمواجهة صعوبات تعلم مادة الرياضيات

المدخل العام للتعليمية


المدخل العام للتعليمية
الإشكالية ودواعي الإعداد:
يواجه المعلمون صعوبات جمة في تبليغ محتويات البرامج الدراسية، وتفعيلها
لتكون قدرات ومهارات تظهر في سلوكات المتعلمين.
كما يواجه التلاميذ مشاكل عديدة في الاستيعاب والتحصيل، وقد انجر عن هذا
تعثر وإخفاق نلاحظهما بعد كل عملية تقييمية سواء أكانت فصلية أم سنوية. وبالرغم من
الجهد الجهيد الذي يبذل من الطرفين للحصول على نتائج مشرفة وعلى أعلى درجات
التقدير في الامتحانات، فإن النتائج متواضعة، وخاصة في الامتحانات الرسمية، ومن أمثلة
ذلك.
/ - نسبة النجاح في شهادة التعليم الأساسي على المستوى الوطني للسنة الدراسية 2001
. % 2002 بلغت 37.66
- ونسبة النجاح في شهادة البكالوريا أقل من ذلك للفترة الزمنية نفسها،حيث بلغت
.2.92
وحتى التلاميذ الذين اجتازوا عقبة الامتحان بتفوق، وتألقوا قد يجدون صعوبات
في مواصلة مشوارهم التعليمي، ولا يستطيعون مسايرة مستجدات عصرهم لأن معارفهم
عبارة عن معلومات نظرية متراكمة قلما تتحول إلى قواعد علمية وسلوكات
عملية.
ولعل السبب الرئيسي في ذلك يعود إلى مناهجنا، ووسائلنا، وطرائقنا التربوية
التقليدية التي تعتمد على تلقين المعرفة والحفظ والحشو في معالجة المحتويات
الدراسية. ولا يمكن تجاوز النقائص الملاحظة إلا إذا اعتمدنا في العملية التربوية على
نتائج الدراسات الحديثة التي أعطت ثمارها اليانعة عند غيرنا والتي تركز على تحويل
المعارف النظرية إلى كفاءات تتجلى في سلوكات ومواقف عملية متنوعة توظف في
المعهد الوطني لتكوين مستخدمي التربية 8 المدخل العام للتعليمية
مختلف مناحي الحياة بفعالية، وتتيح للمتعلمين الظروف الملائمة لإبراز قدراتهم الإبداعية
وطاقاتهم الخلاقة… وتمكنهم من مواصلة مشوارهم في اكتساب المعرفة بحيوية وجدية.
والمعروف عند المتخصصين التربويين أن إلمام المعلم بالمادة الدراسية غير
كاف، ولا يؤهله لتدريسها بنجاح وفعالية إلا إذا أضاف إليها معرفة دقيقة وشاملة لأقطاب
العملية التربوية.
ومن أهم العلوم التي تبحث في هذه الأقطاب، وعلاقاتها والتي يشكو نظام
التكوين عندنا نقصا كبيرا بشأنها ( التعليمية ).
فما التعليمية؟
وما أنواعها؟
وما مكوناتها؟
ما الفرق بينها وبين البيداغوجيا وما خصائصها؟
وقبل الإجابة عن هذه الأسئلة لا بد من الإشارة إلى أن من دواعي إعداد هذه
الإضبارة، تعميق معارف الأساتذة، وتنمية قدراتهم ومهاراتهم، وتحديث معارفهم بالإطلاع
على التعليمية كمفهوم حديث يقنن وينظم العملية التربوية على أسس علمية دقيقة.
وهذا ما يرشد الأستاذ إلى انتقاء الطرائق التربوية النشيطة ، والناجحة في تدريس
أنشطة اللغة العربية والتربية الإسلامية.
ومن دواعي إعداد هذه الإضبارة أيضا تحضير الأساتذة للتغيرات المختلفة في
حقل التربية والتعليم لمواكبتها.
وكما لا يخفى على أحد أن أي عمل جاد لا يخلو من صعوبات، ومن أهم
الصعوبات التي اعترضتنا نقص الوسائل والمراجع التي تتناول موضوع الدراسة
(التعليمية )، وهو علم جديد ومتشعب يحتاج إلى كتب متخصصة تقننه وتنظمه، لينتقل من
الجانب النظري إلى الجانب العملي، من خلال الممارسة الميدانية ليتحول إلى قدرات
ومهارات في سلوك المعلم والمتعلم على السواء.
المعهد الوطني لتكوين مستخدمي التربية 9 المدخل العام للتعليمية
وهذا ما كلفنا عناء في البحث و التنظيم، والتبويب في شتى كتب التربية وعلم النفس.
كما أن الوقت المخصص لإنجاز الدراسة بهذا الحجم لم ييسر علينا العملية، وجعلنا
نبذل جهودا مضاعفة، لتحقيق الإنجاز في وقته.
وبعون الله استطعنا إماطة اللثام عن هذا الموضوع الواسع الذي يحتاج إلى دراسات
أخرى لتذليل صعوباته حتى يعم النفع والفائدة.
مفهوم التعليمية
المشتقة ( Didactique) يرجع الأصل اللغوي للتعليمية إلى الكلمة الأجنبية ديداكتيك
والتي تعني علم أو تعلم. ( Didactitos ) بدورها من الكلمة اليونانية ديداكتيتوس
وكانت تطلق على ضرب من الشعر يتناول بالشرح معارف علمية أو تقنية، وهو
شبيه بالشعر التعليمي عندنا، والذي نظمه أصحابه من أجل تيسير العلوم للدارسين ليكونوا
قادرين على استيعابها، واستظهارها والاستشهاد بها عند الضرورة.
وقد ارتبطت كلمة تعليمية عندنا في مجال التربية والبيداغوجيا بالوسائل المساعدة
على التعليم والتعلم فتقول: الوسائل التعليمية. بيد أن مفهوم هذا المصطلح قد تطور وتغير
في العصر الحديث فلم يعد يدل على النظم والفنية بل أصبح علما من علوم التربية له
قواعده وأسسه.
وسنقف عند بعض التعاريف للتعليمية.
- عرفها سميث أب 1962 على أنها:'' فرع من فروع التربية، موضوعها خلاصة
المكونات والعلاقات بين الوضعيات التربوية، وموضوعاتها ووسائطها و وسائلها
وكل ذلك في إطار وضعية بيداغوجية. وبعبارة أخرى يتعلق موضوعها بالتخطيط
( للوضعية البيداغوجية وكيفية مراقبتها وتعديلها عند الضرورة.''( 1
( - وعرفها ميلاري 1979 بأنها:'' مجموعة طرق وأساليب وتقنيات التعليم.''( 2
. 4) مديرية التكوين، التعليمية العامة و علم النفس، الإرسال الأول 1999 ص 2،3 )- (3)- - (2)– (1)
1 المدخل العام للتعليمية المعهد الوطني لتكوين مستخدمي التربية 0
-أما بروسو فيقول عام 1983 :'' أن الموضوع الأساسي للتعليمية هو دراسة الشروط
اللازم توفرها في الوضعيات أو المشكلات التي تقترح للتلميذ قصد السماح له بإظهار
( الكيفية التي يشغل بها تصوراته المثالية أو رفضها.''( 3
ويقول في عام 1981 :'' التعليمية هي الدراسة العلمية لتنظيم وضعيات التعلم التي
( يندرج فيها الطالب لبلوغ أهداف معرفية عقلي أو وجدانية أو نفس حركية.''( 4
نستشف من هذه التعاريف وغيرها أن التعليمية نظام من الأحكام المتداخلة
والمتفاعلة ترتبط بالظواهر التي تخص عملية التعليم والتعلم، فتخطط للأهداف التربوية
ومحتوياتها، وتطبيقاتها التعليمية، ومواقيتها، كما تهتم بدراسة الوسائل المساعدة على
تحقيق الأهداف، والطرائق المناسبة ووسائل مراقبتها، وتعديلها.
والمعروف أن كل عملية تعليمية تتسم بدرجة عالية من التعقيد نظرا لارتباطها
بالنفس البشرية التي تخضع لتأثيرات وراثية واجتماعية وفكرية، لذا كان على المعلم
أن يضع مخططا عمليا لأي نشاط تربوي ينوي القيام به، وأن يراعي في هذا التخطيط
الأقطاب الثلاثة المشكلة لأي فعل تربوي مجتمعة.
ويكون كذلك إذا أجاب عن هذه الأسئلة بدقة وأعطى لها تصورا عمليا واضحا.
أ- من أدرس ؟ ( دراسة وضعية التلاميذ، البيئية والنفسية والاجتماعية ومستوياتهم
المعرفية قبل الدرس ).
ب- ماذا أدرس؟ ( اختبار أهداف التعلم، تنظيمها، تكييفها لتصبح قدرات أو
كفاءات…).
ج - كيف أدرس؟ ( اختيار استراتيجيات التعلم من وسائل وطرائق ).
د - ما هو أثر التعلم؟ ( تقييم المردود التربوي للمعلم، واكتشاف جوانب النقص
والقصور في استراتيجيات التعلم…).
1 المدخل العام للتعليمية المعهد الوطني لتكوين مستخدمي التربية 1
أنواع التعليمية
يمكننا أن نحصر موضوعات هذا الفرع من فروع التربية في موضوعين أساسيين،
هما التعليمية العامة والتعليمية الخاصة.
( Didactique Générale ) : 1. التعليمية العامة
التعليمية العامة هي: التعليمية التي تهتم بتقديم المبادئ الأساسية القوانين العامة
والمعطيات النظرية التي تتحكم في العملية التربوية، من مناهج وطرائق تدريس ووسائل
بيداغوجية، وأساليب تقويم، واستغلالها أثناء التخطيط لأي عمل تربوي بغض النظر عن
المحتويات الدراسية، وطبيعة أنشطة المادة المدرسة.
ويتلخص موضوعها حاليا في تفاعل نشاطي التعليم والتعلم في إطار قواعد العملية
التعليمية، وكانت في السبعينيات، والثمانينيات تركز على النشاط التعلمي، أما في
الستينيات فكان الاهتمام منصبا على النشاط التعليمي، وهذا يدل على التطور الذي
أصابها.وهي تنظر إلى عناصر العملية التعليمية نظرة متكاملة. والمبادئ التي تقوم عليها
ومعطياتها صالحة للتطبيق مع مختلف الوضعيات والمحتويات والمستويات العليا منها
والدنيا.
( Didactique Spéciale ) : 2. التعليمية الخاصة
تعتبر التعليمية الخاصة جزءا من التعليمية العامة كما أنها تهتم مثلها بالقوانين
والمعطيات والمبادئ، ولكن على نطاق أضيق، لأنها تتعلق بمادة دراسية واحدة،
وتهتم بعينة تربوية خاصة و بوسائل خاصة.
وبعبارة أخرى فإن التعليمية الخاصة: تمثل الجانب التطبيقي للتعليمية العامة إذ
تهتم بأنجع السبل أو الوسائل لتحقيق الأهداف وتلبية حاجات المتعلمين، وتهتم بمراقبة
العملية التربوية وتقويمها وتعديلها.
1 المدخل العام للتعليمية المعهد الوطني لتكوين مستخدمي التربية 2
مكونات التعليمية ( عناصرها )
يرى الباحثون في التربية والتعليم أن التعليمية تتكون من ثلاثة عناصر أساسية:
المعلم، المتعلم، والمعرفة.
وتهتم بالبحث في هذه الأقطاب مجتمعة لإعطاء تعليم جيد، ولكل عنصر من العناصر
المذكورة خصائصه وميزاته وأبعاده التي تختلف عن أبعاد غيره ويمكن حصر هذه الأبعاد
الثلاثة:
1/ - البعد النفسي ( السيكولوجي )
ويتعلق بالمتعلم وما يتضمنه من استعدادات نفسية، وخصوصيات فردية أو
قدرات وتصورات إدراكية تفكيرية.
ويتوقف نجاح المربي في مهنة التعليم إلى حد بعيد على معرفة هذه الخصوصيات
نظرا لارتباطهما بالتحصيل الدراسي إذا استغلت استغلالا تربويا حسنا.
2/ - البعد التربوي ( البيداغوجي)
ويرتبط بالمعلم ورسالته، والسبل التربوية التي ينتجها في تقديم مادته، ودوره في
عملية نقل الخبرة إلى تلاميذه على ضوء تجربته وكفاءته، ومدى فعاليته في تحسين
مستوى المتعلمين…
3/ - البعد المعرفي ( الابستيمولوجي)
ويتعلق بمادة التخصص من حيث مفاهيمها الأساسية، وخصائصها البنيوية أو
قدراتها الوظيفية..والدرس، ومكوناته وعناصره، ومفاهيمه، وباختصار فإن هذا البعد
يتعلق بالمعارف وبنائها وصعوبات تفعيلها.
والتعليمية لا تنظر إلى هذه العناصر إلا وهي مجتمعة ومتكاملة نظرا لتفاعلها
وتداخلها، ونظرا للعلاقات التي تربط بينها على النحو الآتي:
1 المدخل العام للتعليمية المعهد الوطني لتكوين مستخدمي التربية 3
- العلاقة بين المعلم والمتعلم: ��
يعتبر المعلم حجر الزاوية التربوية، ويربطه بالمتعلم عقد تعليمي، وعلاقة تربوية
بيداغوجية فلا يمكن للمربي مهما كانت قدراته المعرفية أن يؤدي رسالته على أكمل وجه
إذا كان يجهل خصائص تلاميذه النفسية وقدراتهم العقلية، ورغباتهم وحاجاتهم… و
البيئة التي يعيشون فيها وظروف حياتهم.
إن معرفة المعلم بالمبادئ الأساسية لعلم النفس التربوي والبيداغوجيا تحسن كفايته
الإنتاجية، باستغلال نشاط المتعلم وفاعليته في الدروس باعتباره قطبا فاعلا في أي
موقف تعليمي، ذلك أن سلوك المتعلم له أثر كبير في التأثير على مردود المعلم إيجابا أو
سلبا، ومن ثم كان التفاعل مع التلاميذ من الأمور التي تحفزهم على الإصغاء الواعي
والاستجابة الطيبة…
ومن أهم جسور هذا التفاعل فسح المجال للمتعلمين للتعبير عن أفكارهم
وآرائهم، في إطار نظام القسم، والتقرب منهم لتوجيه سلوكهم وتحسين نموهم باعتبار
المعلم موجه، وصديق، ومرشد، والاهتمام بعقل المتعلم وجسمه ووجدانه، وعدم الاقتصار
على ملء ذاكرته بالمادة المعرفية دون تبسيط أو تكييف لأن ذلك من أهم عوامل النجاح.
- علاقة المعلم بالمعرفة: ��
إن علاقة المعلم بالمعرفة علاقة تنقيب، وتقص عن مفاهيمها،
وخصائصها وصحتها، وصلتها بالمناهج، ومدى ملاءمتها لقدرات واستعدادات المتعلمين
العقلية والمعرفية، ثم البحث عن آليات تكييفها لتكون في مستوى المتعلمين، مثيرة
لاهتماماتهم، مشبعة لحاجاتهم المعرفية والوجدانية والحس حركية، ولا تقتصر هذه
العلاقة على ما ذكر بل تتعداها إلى الاجتهاد والسعي لإيجاد أحسن الوسائل والطرائق
لتفعيلها وترجمتها إلى قدرات وكفاءات لدى المتعلمين، لأن غاية التعليم والتعلم أن نجعل
المعارف النظرية سلوكات عملية تتجلى في مواقف المتعلمين في الحياة العملية الحقيقية
بصورة إيجابية ومتلائمة.